قرية "المقرمدة" قرية جبلية هادئة تقع في منتصف الجبال الساحلية وتبعد عن طريق عام "القدموس- مصياف" ثلاث كيلومترات، ويعتبر موقعها الجغرافي متوازن بين سلسلة الجبال الساحلية التي تمتد من النهر "الكبير الشمالي" إلى النهر "الكبير الجنوبي"، وكأنها مزروعة في منتصف هذه الجبال، ولو أردنا تحديد موقعها أكثر نقول إنها في منتصف الطريق العام الواصل بين "بانياس- مصياف"، وتبعد عن مدينة "بانياس" حوالي ثلاثين كيلومتراً، وتتبع إلى بلدية "كاف الجاع" التابعة لناحية "القدموس"، وترتفع عن سطح البحر حوالي /975/ متراً.
وتتميز قرية "المقرمدة" بوجود أشجار الصنوبر والأرز القديمة المعمرة، والتي أمتزجت بالصنوبر الذي قامت مديرية الزراعة بغرسه في فترة من الفترات، يوجد فيها غابات كبيرة رائعة الجمال"».
«يوجد في القرية منطقة تسمى "الأرز" وهي منطقة لها وقعها الخاص عند أبناء القرية، نتيجة لكثرة أشجار الأرز الموجودة فيها التي منحتها الجمال والروعة ».
«"المقرمدة" في اللغة العربية لها معاني متعددة ومختلفة فهي في قاموس "المحيط البستاني" قرمد الشيء طلاه وزينه، وفي تسمية "المقرمدة" هي المزركشة والمزينة، خاصة بلون الآجر الأحمر، حيث يوجد في القرية بقعة أرض تحتوي على نوعية تراب تصلح لصناعة الآجر والفخار، وهي كانت تستثمر لصناعة الجرار الفخارية التراثية.
أما الرواية الثانية فتقول شيء مقرمد بالطيب أي معطر بالطيب والزعفران، وأيضاً نقول بناء مقرمد أي مشرف عال ومطل وهنا دلالة على العلو والارتفاع الذي تميزت به القرية، وفي تفسير آخر "القرميدة" نوع من أنثى الغزلان، وهذا نوع كان يشاهد في منطقتنا فيما مضى بكثرة، ولو عدنا إلى اللهجة المحكية "فالمقرمدة" تعني المتجمدة من شدة البرد، وهذا حال القرية في فصل الشتاء».
هذا التميز في العلو والارتفاع والطبيعة الجميلة لم يكن ميزة وحيدة تمتعت بها القرية وإنما تعدتها إلى الأصول الواحدة، وهنا يشير الأستاذ "محسن حرفوش" بالقول: «مؤسس القرية الجد "سلمان حرفوش" القادم من قرية "بلوزة" التابعة لمدينة "بانياس" والذي أنجب اثني عشر ولداً عرفوا بحبهم للعلم والمعرفة كما أبيهم ، وهذا الجد أسس القرية كسكن بشري من حوالي /200/ عام، على أنقاض حياة سابقة قديمةً، حتى بلغ عدد السكان حوالي /600/ نسمة، /200/ منهم مقيم خارج القرية لأسباب معيشية وارتباط بالوظائف،
«في القرية هناك أعلى نقطة يوجد فيها تل أو قمة الجبل التي تتربع عليه القرية، ويسمى "تل الرويسة" وهو عبارة عن غابة طبيعية مكتنزة بالحياة الطبيعية البرية الرائعة، في حين أن بقية أراضي القرية شبه منبسطة صالحة للزراعة بشكل جيد، وهذا ما جعل حدودها مفتوحة على جوارها وتخترقها عدة طرق رئيسية إليها، فقرية "كاف الجاع" تحدها من الجهة الشرقية، وقريتا "تلة" و"قنية" تحدها من الجهة الجنوبية، وقريتا "الشعرة" و"المشيرفة" تحدها من الجهة الغربية، أما قرية "السعداني" فتحدها من الجهة الشمالية.
فالموقع المنبسط والارتفاع العالي مهد لزراعات كثيرة ومتنوعة وناجحة منها زراعة التفاحيات والعنب والكرز والإجاص والقمح والبقوليات بأنواعها، وقد عرفت هذه المنتجات الزراعية بنوعيتها الجيدة الناتجة عن طبيعة المناخ والتربة الجيدة».
«من أهم الطقوس الاجتماعية المتوارثة والمحافظة على ألقها حتى الآن دعوات وعزائم شهر رمضان على وجبات الإفطار لمختلف العائلات في القرية، إضافة إلى حفل أهلي سنوي نقيمه في كل صيف عند اجتماع أغلب أبناء القرية، وهو بمثابة التعارف فيما بين جميع الأبناء وتكريم المتفوقين من أبناء القرية.
لقد تمتعت القرية بوفرة المياه عبر توافر العديد من الينابيع الطبيعة الموسمية والدائمة الجريان، ففيها العديد من الينابيع الصالحة للشرب وري المحاصيل الزراعية، ومنها "نبع فسقين" و"نبع سرميني" و"نبع الضيعة" و"عين المجوية" و"نبع الريحان" حيث إن لكل منها قصصه المرتبطة بذاكرة الأهالي في القرية»